أولاً .. ماهو الحديث الصحيح .. هو من توافرت فيه خمسة شروط
1)إتصال السند
2)عدالة الرواة
3)ضبط الرواة
4)انتفاء الشذوذ
5)انتفاء العلة
* ماذا تقول الرواية حدثنا القاسم قال حدثني حجاج عن إبن جريج عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس قالا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في نادٍ من أنديةِ قريش كثيرٍ أهله فتمنى ألا يأتيه من الله شيئاً فينفروا عنه فانزل الله عليه (والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى)فقرأها رسول الله (أفرأيتم اللات والعزى *ومناة الثالثة الاخرى)ألقى عليه الشيطان كلمتين تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى فتكلم بها ثم مضى فقرأ السورة كلها فسجد في آخر السورة وسجد القوم جميعاً معه ورفع الوليد بن المغيرة تراباً الى جبهته فسجد عليه وكان شيخاً كبيراً لا يقدر على السجود فرضوا بما تكلم به وقالوا قد عرفنا أن الله يحي ويميت وهو الذي يخلق ..آخر الرواية....)
لننظر إلى سند الحديث أولاً .. محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس
*القرظي..ماذا عنه..؟
كتاب (سير أعلام النبلاء) للإمام/ شمس الدين محمد بن احمد بن عثمان الذهبي – المجلد الخامس صفحة 65
(القرظي) هو محمد بن كعب – قيل انه ولد في حياة النبي صلى الله عليه سلم ، ولم يصح ذلك ..كيف يروي عنه،ومادام لم يدركه يسمى حديث مرسل .
*محمد بن قيس .. ماذا عنه ..؟
(كتاب الضعفاء والمتروكين) للإمام /جمال الدين بن الجوزي *الواعظ البغدادي*وقد حققه أبو الفداء عبدالله القاضي – الجزء الثالث صفحة 93
يروي عنه أبو معشر ، قال يحيى ليس بشيء ، لا يُروى عنه حديث .ولم يدرك النبي اذن هو مرسل ..
مامعنى الحديث المرسل ..؟
(صحيح مسلم ) للإمام/ مسلم بن الحجاج صفحة 18 (والمرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة )
كتاب (سنن الترمذي) للإمام/ أبي عيسى الترمذي الجزء الخامس في كتاب العلل المطبوع في آخر كتاب السنن صفحة رقم 556 ..يقول (والحديث إذا كان مرسلاً .. فإنه لا يصح عند أكثر أهل الحديث ، قد ضعفه غير واحد منهم ) وصفحة 557 يقول (ومن ضعف المرسل فإنه ضغف من قبل أن هؤلاء الأئمة قد حدُثوا عن الثقات وغير الثقات ، فإذا روى أحدهم حديثاً وأرسله لعله أخذه عن غير ثقة )
كتاب (شرح علل الحديث) للشيخ /مصطفى العدوي صفحة 35 سؤال رقم 77
من أي أقسام الحديث يكون الحديث المرسل ؟
المرسل من أقسام الضعيف .
*أبو معشر ..ماذا عنه..؟
كتاب (الضعفاء الصغير) للإمام / البخاري – وكتاب الضعفاء والمتروكين للإمام النسائي صفحة رقم 119
(نجيح أبو معشر ) : عن محمد بن كعب ونافع ..منكر الحديث .
صفحة 242 يقول(نجيح أبو معشر : ضعيف )
كتاب (تقريب التهذيب) للامام/ العسقلاني ص 998 نجيح بن عبد الرحمن السندي "ابومعشر" ضعيف .
ومعنى منكر الحديث يتضح في كتاب (لسان الميزان ) للامام/ العسقلاني الجزء الاول صفحة 220
(ونقل بن قطان عن البخاري ..كل من قلت فيه انه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه .انتهى)
• ابن جريج ...ماذا عنه ..؟
كتاب (سير أعلام النبلاء) للامام /الذهبي الجزء السادس ..صفحة 328
(روى الأثرم عن أحمد بن حنبل قال إذا قال بن جريج قال فلان.. وقال فلان وأخبرت جاء بمناكير ، وإذا قال اخبرني وسمعت فحسبك به)
صفحة 332 يقول الامام الذهبي (قلت الرجل في نفسه ثقة، حافظ، لكنه يدلس بلفظة -عن – وقال)
وهنا عنعن ابن جريج في الرواية اذن لا يؤخذ منه ..ولا يقبل منه
ولنصل معاً إلى كلام بعض علماء الإسلام ...
1) (تفسير القرآن العظيم ) للإمام/ ابن كثير الجزء الخامس صفحة رقم 441
يقول ( قد ذكر كثيرون هنا قصة الغرانيق وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض الحبشة ظناً منهم ان قريش قد أسلموا ولكنها من طرق كلها مرسلة ولم أرها مسندة من وجه صحيح)
2) (الجامع لأحكام القرآن )للإمام / أبي عبدالله القرطبي الجزء 14 صفحة430
قال (وضعف الحديث مغنٍ عن كل تأويل ،والحمد لله ) وبعد ذلك يشرح عصمة رسول الله وتثبيت الله له .
3) (التفسير الكبير ومفاتيح الغيب) للإمام/ ابو فخرٍ الرازي الجزء23 –صفحة 51
يقول(هذه الرواية عامة المفسرين الظاهرين ، أما أهل التحقيق فقد قالوا هذه الرواية باطلة وموضوعة ، واحتجوا عليه بالقرآن والسنة والمعقول )ثم يشرح من القرآن والسنة وبالدلة العقلية ..بطلان تلك القصة تماماً .
وفي نفس الصفحة يقول (عن محمد بن اسحاق انه سئل عن هذه القصة فقال هذا من وضع الزنادقة وصنف فيه كتاباً ، وقال الإمام أبو بكر البيهقي هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل ثم اخذ يتكلم في أن رواة القصة مطعون فيهم،وروي عن الإمام البخاري انه قرأ سورة النجم ولم يذكر فيها حديث الغرانيق )
4)(حاشية محي الدين شيخ زاده) للإمام/ البيضاوي الجزء السادس صفحة 124
يقول(وهو مردود عند المحققين ) ونفس الصفحة يقول الإمام محي الدين يقول(وهو مردود عند المحققين يعني ان جماعة من المفسرين إن قالوا انها نزلت لتسلية رسول الله لاغتمامه بما سبق به سهواً من حديث الغرانيق إلا ان رؤساء أهل السنة والجماعة ردوا هذا القول وقالوا رواية باطلة وموضوعة واحتجوا عليه بالقرآن العظيم والسنة والمعقول ) . ثم يشرح الإحتجاج من القران والسنة والعقل .
5)أضواء البيان لإيضاح القرآن بالقرآن للإمام /محمد الشنقيطي صفحة 796
يقول تحت عنوان مسألة (إعلم : ان مسألة الغرانيق مع إستحالتها شرعاً ودلالة القرآن على بطلانها لم تثبت عن طريق صالح للإحتجاج وصرح بعدم ثبوتها خلقُ كثير من علماء الحديث كما هو الصواب )
آية سورة الحج قالت ) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (
أي أن الله تعالى يقول لنبيه وحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه ما أرسل قبله نبيا ولا رسولا إلا إذا تمنى أي قرأ هذا النبي كتاب الله على الناس لدعوتهم للحق ألقى الشيطان في أمنيته أي ألقى الشيطان الشبهات والشكوك عند قراءته.
و(في) تأتي في اللغة بمعنى ( علي ) كما في قوله تعالى: ) لأصلبنكم في جذوع النخل(.
فهي سيفتح فرعون النخل ليصلب داخلها هؤلاء المؤمنين ؟ أن أن المعنى المتبار إلى الذهن أته سيصلبهم على جذوع النخل ؟؟
وأيضا (في) بمعنى (عند) والدليل على ذلك قوله الله تعالى قاصّاً علينا كلامَ فرعونَ عندما قال لموسى: { قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ }. (الشعراء 18(
فهل مكث موسى عليه السلام داخل أجسادهم ؟؟ أم أن المعنى ألم نربك عندنا وليدا ولبثت عندنا من عمرك سنين ؟
لا شك أن المعنى الثاني هو المتبادر إلى الأذهان والأفهام بداهة.
فالشيطان يلقي الشبهات والشكوك في قلوب المشركين عند قراءة كل الأنبياء وخصوصا خاتهم محمد صلى الله عليه وسلم وعلى هذا أمثلة :
قوله تعالى:
) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (.(النحل 103(
فالشيطان ألقى في قلوب المشركين أن محمدًا صلى الله عليه وسلم تعلم هذا القرآن من بشر !!
فنسخ الله هذه الشبهة بقوله تعالى ) لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين (.
أي كيف تقولون أن محمدا صلى الله عليه وسلم تعلم هذا القرآن من بشر, وهذا البشر غلام أعجمي غير عربي ؟ فكيف أصبح هذا الغلام فجأة عربيا خالصا فيستطيع أن يُعَلِّمَ نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم القرآنَ, وأنتم تعلمون أيها المشركون أن هذا القرآنَ عربيٌ مبينٌ !!
وكذلك ألقى الشيطان في قلوب المشركين أنهم قادرون على الإتيان بمثل هذا القرآن فقد كانوا أربابَ لغةٍ وفرسانَ فصاحةٍ وبيانٍ .
فنسخ الله هذه الشبهة من قلوب المشركين تماما بقوله تعالى :
)قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا(
)الإسراء 88 (
ثم كرر الله نسخ الشبهة بتحدٍ هو أخف من هذا فقال جلّ وعلا:
) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين).
(هود 13)
ثم خفف الله التحدي وختمه بقوله تعالى :
( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)يونس 38
وقوله تعالى:
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ).(البقرة 23)
وهكذا كلما ألقى الشيطان شبهة في قلوب المشركين نسخها الله بكلامه
ونعود للآية الكريمة من سورة الحج ) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(.
وكلمة فينسخ فيها حرف ( الفاء ) الذي يفيد السرعة, فبمجرد أن يلقي الشيطان شيئا ما من الشبهات في قلوب المستمعين ينسخه الله فورا, فلا تمكث هذه الشبهة لا في قلوب المؤمنين ولا حتى في قلوب المشركين لتقوم حُجة الله كاملة على الجميع .
قال الله تعالى: {.. وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }(النحل 89)
عن عبد الله قال: أولُ سورة أنزلت فيها سَجْدة: { والنَّجم } ، قال: فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد من خلفه ، إلا رجلا رأيته أخذ كفًّا من تُرَاب فسجد عليه ، فرأيته بعد ذلك قُتِل كافرًا ، وهو أمية بن خَلَف.
...تم بحمده ومنه وفضله........
الأحد أغسطس 31, 2014 5:43 pm